/قنا/ في ظل جهود حثيثة ومسيرة مباركة.. ترافقها خطوات واثقة لتأمين حاضر مزدهر وغد مشرق لأجيالها المختلفة، تدشن دولة قطر غدا الثلاثاء محطة جديدة على طريق مسيرتها في تعزيز المشاركة في صنع القرار، وفق توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الهادفة لدعم وتعزيز صرح دولة عصرية راسخة الأركان تنعم بالأمن والاستقرار والرقي والتطور والنماء.
وإيذانا ببدء فصل تشريعي جديد، يتفضل حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، فيشمل برعايته الكريمة صباح غد الثلاثاء افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين، لمجلس الشورى، بمقر المجلس.
ويلقي سمو الأمير المفدى، بهذه المناسبة، خطابا يتناول فيه سياسات الدولة المالية والاقتصادية والتنموية، وأولوياتها، وإنجازاتها، ورؤاها وخططها المستقبلية، التي تعبر عن تطلعات الشعب القطري، وتنقل دولة قطر إلى مراحل جديدة وآفاق واعدة من الإنجاز والإبداع، وترسم ملامح نهضة قائمة على الشفافية تعتمد على الكفاءات الوطنية المخلصة، ضمن رؤية قطر الوطنية 2030.
وعلى الصعيد الخارجي، سيتناول خطاب سمو أمير البلاد المفدى، بعض ملامح سياسة دولة قطر ومواقفها الثابتة تجاه عدد من القضايا والملفات العربية والإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأوضاع بالشرق الأوسط، خاصة في قطاع غزة ولبنان، والتحديات التي تشهدها منطقتنا العربية.
ويأتي الفصل التشريعي الجديد لمجلس الشورى، فيما تواصل دولة قطر وبتوجيهات من القيادة الحكيمة مسيرتها التنموية المباركة وخططها الاستراتيجية للاستثمار في الإنسان، وترسيخ دعائم دولة المؤسسات وسيادة القانون للنهوض بالبلاد، بما يرسخ مكانتها المتميزة إقليميا وعالميا، ويعزز جاهزيتها لمواجهة التحديات، والانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة.
وقد كان مبدأ الشورى الخيار الأنسب لدولة قطر، للتدرج والارتقاء بهذه المسيرة؛ كونه نابعا من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعروبتنا الحقة وتراثنا الأصيل وتقاليدنا العريقة، وخصائص وسمات مجتمعنا القطري الكريم.
وتعد تجربة الشورى في دولة قطر تجربة ثرية ومتميزة، تتسم بالتعاون والعطاء والانسجام والوئام بين كل مؤسسات الدولة، لترسيخ المشاركة في صنع القرار، ويفخر المجلس بمسيرته الممتدة إلى أكثر من 50 عاما، كان فيها سندا وداعما لمسيرة التحديث والتطوير التي شهدتها الدولة، وينهض بدوره المرسوم من خلال ما يقدمه من مقترحات تلامس هموم المواطنين وتلبي تطلعاتهم، في إطار من التعاون والتكامل مع الحكومة الموقرة، في ظل ما يتمتع به المجتمع القطري من خصوصية وإرث ثقافي متميز، يحترم مبدأ الشورى، ويوليه أهمية كبيرة كمبدأ متأصل في نظام الحكم منذ عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني "طيب الله ثراه".
وتعد التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى نبراسا يسترشد به المجلس في مسيرته، الأمر الذي يحفز على بذل المزيد من الجهود والعمل لتحقيق الأهداف التي تلبي تطلعات المواطنين، وتساهم في التنمية والازدهار في مختلف ربوع الوطن.
وفي هذا الإطار، لم يدخر المجلس خلال دور الانعقاد السابق جهدا في دراسة وإقرار مشروعات القوانين، وإبداء المقترحات ومناقشة الموضوعات التي تهم المجتمع، وذلك انطلاقا من حرصه على تحقيق تطلعات المواطنين، بما يحقق المصلحة العليا للبلاد.
وقد عقد المجلس خلال دور انعقاده السابق 33 جلسة عادية، و63 اجتماعا للجان الدائمة والمؤقتة، وقام بمناقشة ودراسة 24 مشروع قانون ومشروعات قوانين بتعديل بعض أحكام القوانين السارية، وأقر المجلس 15 مشروع قانون، بعد مناقشتها باستفاضة، بما في ذلك مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024، ومشاريع قوانين مهمة مثل تنظيم التسجيل العقاري، والتنفيذ القضائي، وتوطين الوظائف في القطاع الخاص.
كما ناقش المجلس، في دور انعقاده السابق، تسعة مشروعات قوانين بتعديل بعض أحكام القوانين، وقدم 13 طلب مناقشة عامة واقتراح برغبة حول موضوعات متنوعة، مثل: تجمعات مياه الأمطار، وتطوير الاقتصاد السياحي، ودعم الاستثمار الوطني والأجنبي، وإجراءات مغادرة العمالة المنزلية للبلاد.
وفي إطار التواصل مع المجتمع، استضاف المجلس بعض منسوبي المؤسسات التعليمية، وتعاون مع وزارة الرياضة والشباب في تنفيذ برنامج "محاكاة جلسات مجلس الشورى"، لتعزيز دور الشباب في صنع القرار.
وقد كانت القضايا التي تهم المواطنين على الدوام في صدارة أولويات المجلس، استرشادا بتوجيهات القيادة الحكيمة، وتطلعاتها لتطوير التشريعات الوطنية لتستجيب لكافة متطلبات التنمية الشاملة، ويضطلع المجلس بدور مهم ومحوري في العملية التشريعية، وعبر الدور المنوط به والمنصوص عليه دستوريا، يباشر المجلس أعماله، واضعا نصب عينيه المصالح العليا للبلاد.
ولتطوير عمله وزيادة كفاءة أجهزته المختلفة، أقر مجلس الشورى في يناير الماضي مشروع قانون بإصدار لائحته الداخلية، الأمر الذي يدشن مرحلة جديدة في مسيرة عمل المجلس، من حيث تعزيز العمل الرقابي والتشريعي، ويرسم الخطوط العريضة المنظمة لعمل المجلس، ويحدد أدوار اللجان والأعضاء في طلبات المناقشة العامة والمقترحات برغبة، وكيفية التنسيق مع الحكومة وكيفية تطبيق القرارات بما يتوافق مع أحكام الدستور والقوانين ذات الصلة.
وتواكب اللائحة الداخلية مسيرة تطور العمل التشريعي في الدولة، وتتألف من (244) مادة موزعة على ثمانية أبواب، تضمنت أحكاما عامة، تحدد دور الأجهزة الرئيسية للمجلس وآليات عملها وقواعد عقد الجلسات العادية وغير العادية، كما تحدد اللائحة دور الأمانة العامة للمجلس في الإشراف على جميع الوحدات الإدارية التي تتألف منها، وتوزيع العمل بينها، وغيرها من الاختصاصات المناطة بها.
وعلى صعيد نشاطه الخارجي، واصل مجلس الشورى دعم وتعزيز علاقاته البرلمانية مع المجالس النيابية في مختلف دول العالم، واستقبل العديد من الوفود البرلمانية الزائرة، واستضاف العديد من الأحداث والفعاليات المعنية بالشأن البرلماني، كما شارك في العديد من المؤتمرات البرلمانية الإقليمية والدولية، مبرزا الصورة المشرقة لدولة قطر وسياساتها الواضحة ومواقفها الثابتة تجاه مختلف القضايا، ومدافعا عن مصالح الوطن والمواطنين والقضايا العربية والدولية العادلة.
ويمثل مجلس الشورى دولة قطر في الاتحادات البرلمانية والمنظمات الدولية، ويشمل ذلك الاتحاد البرلماني الدولي والاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي، واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي والجمعية البرلمانية الآسيوية ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، وغيرها.
وقد تأسس مجلس الشورى عام 1972 بعد إقرار النظام الأساسي المؤقت المعدل بالدولة في 19 أبريل 1972، ليكون عونا برأيه لسمو الأمير ولمجلس الوزراء في أداء مهامهما، وقد ضم مجلس الشورى لدى تأسيسه 20 عضوا تم تعيينهم، وشهدت تركيبته سلسلة من التعديلات في أكثر من مناسبة.
ويتكون مجلس الشورى من عدد من الأجهزة؛ "رئاسة المجلس"، و"مكتب المجلس"، وله ست لجان دائمة "وفقا للائحة الداخلية الجديدة" وهي: لجنة الشؤون القانونية والتشريعية، ولجنة الشؤون الداخلية والخارجية، ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية، ولجنة شؤون الصحة والخدمات العامة والبيئة، ولجنة شؤون التعليم والثقافة والرياضة والإعلام، ولجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والإسكان، وللمجلس أن يشكل لجانا أخرى دائمة ومؤقتة حسب حاجة العمل، كما يجوز لكل لجنة دائمة أو مؤقتة أن تشكل من أعضائها لجنة فرعية أو أكثر، وتقدم اللجنة إلى رئيس المجلس تقريرا عن كل موضوع يحال إليها خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ الإحالة ما لم يقرر المجلس غير ذلك، كما تعد الأمانة العامة للمجلس أحد أجهزته.
ويمارس مجلس الشورى صلاحياته في اعتماد أو الموافقة أو حتى رفض بعض القوانين من مشروعات القوانين والأمور الأخرى التي تعرض عليه، ويختص كذلك بمناقشة واقتراح العديد من المسائل، من أهمها مناقشة مشروعات القوانين والمراسيم بقوانين، وكذلك السياسة العامة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والإدارية، التي تحال إليه من مجلس الوزراء.
ويناقش المجلس أيضا مشروع ميزانية المشروعات العامة، ومشروع ميزانية المجلس وحسابه الختامي، كما يختص المجلس بمتابعة أنشطة الدولة وإنجازاتها في شأن جميع المسائل التي تحال إليه من مجلس الوزراء، وكذلك جميع المسائل المتعلقة بالمجالات الاجتماعية والثقافية سواء كانت هذه المسائل أحيلت إليه من مجلس الوزراء أم نظرها من تلقاء نفسه، كما يوجه الأسئلة للوزراء بقصد استيضاح أمر معين يتعلق بشأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصه، وتقديم التوصيات وإبداء الرغبات للحكومة حيال المسائل المشار إليها.