عقد مجلس الشورى اليوم جلسته الأسبوعية العادية في "قاعة تميم بن حمد" بمقر المجلس، برئاسة سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس المجلس.
وفي بداية الجلسة أشاد المجلس بالزيارة الرسمية التي أجراها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه"، إلى العاصمة الروسية موسكو الأسبوع الماضي، ولقائه مع فخامة الرئيس فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية، مؤكدًا أن هذه الزيارة تأتي امتدادًا للعلاقات المتينة التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين، وتُجسد حرص القيادة الرشيدة على تعزيز أطر التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ونوّه المجلس بنتائج المباحثات التي أجراها سمو الأمير مع فخامة الرئيس الروسي، وما شهدته من توافق في الرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية، خاصة ما يتعلق بدعم جهود السلام في الشرق الأوسط، وتأكيد المواقف الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، إلى جانب بحث سبل التعاون في قطاعات حيوية كالتجارة والطاقة والثقافة والصحة، بما يخدم مصالح البلدين الصديقين.
وفي سياق آخر، عبّر المجلس عن إدانته واستنكاره الشديدين للدعوات الخطيرة التي أطلقتها جهات تابعة للاحتلال الإسرائيلي بشأن تفجير المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم، معتبراً إياها استفزازاً صارخاً وتحريضاً يمس مشاعر المسلمين ويهدد بتصعيد خطير في المنطقة.
وأكد المجلس رفضه التام لأي مساس بالوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى والقدس الشريف، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه حماية المقدسات الإسلامية، وإلزام الاحتلال بوقف انتهاكاته المتكررة.
وجدد مجلس الشورى موقف دولة قطر الثابت في دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
بعد ذلك تلا سعادة السيد نايف بن محمد آل محمود، الأمين العام لمجلس الشورى جدول أعمال الجلسة، وتم التصديق على محضر الجلسة السابقة.
وتلبية لدعوة من سعادة رئيس المجلس، حضر الجلسة سعادة الشيخ فيصل بن ثاني آل ثاني، وزير التجارة والصناعة، وعدد من المختصين بالوزارة، لعرض أبرز محاور الخطة الاستراتيجية لوزارة التجارة والصناعة 2024-2030، وجهودها في تعزيز التنوع الاقتصادي، وتطوير بيئة الأعمال، ودعم القطاعات غير النفطية بما ينسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030.
ورحب سعادة رئيس مجلس الشورى وأصحاب السعادة الأعضاء بسعادة وزير التجارة والصناعة، والوفد المرافق له، مشيدين بجهود الوزارة في تطوير القطاعين التجاري والصناعي، وتعزيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال، ودعم الصناعات الوطنية، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.
وفي هذا السياق، أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس المجلس، على أهمية الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة التجارة والصناعة في دعم ركائز الاقتصاد الوطني، وتعزيز التنوع الاقتصادي من خلال السياسات الهادفة إلى تمكين القطاع الخاص، وتطوير بيئة الأعمال، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال، مشيرًا إلى أهمية مواكبة التحديات الاقتصادية العالمية عبر خطط استراتيجية متكاملة، تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من جانبه قدّم سعادة وزير التجارة والصناعة خلال الجلسة عرضًا، أبرز من خلاله ملامح استراتيجية الوزارة للفترة 2024-2030، موضحًا أنها تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية، مع التركيز على تطوير قطاعي التجارة والصناعة، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما يعزز من تنافسية الاقتصاد القطري في ظل المتغيرات العالمية.
كما تناول سعادته في عرضه الجهود المبذولة في تطوير الخدمات الإلكترونية المقدمة من الوزارة، بما في ذلك التوسع في تقديم خدمات الترخيص والتسجيل التجاري بشكل رقمي متكامل، وتبسيط الإجراءات المرتبطة بمزاولة الأنشطة التجارية، بما يضمن توفير بيئة أعمال ميسرة ومحفزة للنمو.
وفي سياق متصل، أشار سعادة الوزير إلى الخطوات التي تتخذها الوزارة في مكافحة الغش التجاري وضمان حماية حقوق المستهلكين، وذلك من خلال تفعيل أنظمة الرقابة الميدانية والرقمية، وتعزيز الشراكات مع الجهات المعنية لتطبيق أعلى معايير السلامة والجودة في الأسواق.
كما استعرض سعادته جهود الوزارة في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير الحوافز والتسهيلات التي تُمكّن رواد الأعمال من الانخراط في السوق وتعزيز قدرتهم التنافسية، مؤكدًا التزام الوزارة بتسهيل بيئة الأعمال وتعزيز الابتكار.
وأوضح سعادة وزير التجارة والصناعة أن الوزارة تعمل على حماية الملكية الفكرية، وتطوير التشريعات المرتبطة ببراءات الاختراع والعلامات التجارية، بما يسهم في ترسيخ ثقافة الابتكار وتشجيع الإبداع داخل الدولة.
وأشار سعادته إلى أن الوزارة تولي أهمية خاصة لحماية المنتجات القطرية وتعزيز الصناعات الوطنية، من خلال برامج الدعم الفني والتسويقي، وتنمية سلاسل التوريد، وتوفير منافذ تسويق داخلية وخارجية تسهم في وصول المنتجات المحلية إلى أسواق جديدة.
وفي سياق حديثه، تطرق سعادته إلى سياسات الوزارة المتعلقة بتنظيم الرسوم والامتيازات الخاصة بالأنشطة التجارية، موضحًا أن هذه السياسات تخضع لمراجعات مستمرة، بهدف خلق توازن بين تشجيع الاستثمار واستدامة الموارد.
وخلال مداخلاتهم، أثنى أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى على العرض الذي قدمه سعادة الوزير، وأشادوا بما تبذله الوزارة من جهود واضحة لتطوير القطاعين التجاري والصناعي، مؤكدين أهمية استمرار هذه الجهود بما يعزز موقع دولة قطر الاقتصادي ويخدم تطلعات المجتمع.
وقد طرح أصحاب السعادة الأعضاء عددًا من الاستفسارات والتساؤلات، تمحورت حول ضرورة تعزيز مكانة البلاد كمركز إقليمي وعالمي للتجارة والصناعة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات والخدمات المحلية، ودعم الشركات القطرية في توسعها عالميًا.
كما تطرقت مداخلاتهم إلى الرقابة على التجارة الإلكترونية، وتسهيل الإجراءات للمستثمرين ورواد الأعمال، ودعم الشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة، وسبل دعم المزارع والمشاريع الإنتاجية الوطنية، مؤكدين أهمية أن تشمل الاستراتيجية برامج عملية لدعم المنتجين وضمان انسيابية السلع وجودتها في السوق المحلي.
وأشار الأعضاء ضمن مداخلاتهم للدور المهم الذي تضطلع به "النافذة الواحدة" في تسهيل إجراءات تأسيس الشركات، من خلال توفير منصة إلكترونية تُمكّن المستثمر من إنجاز كافة الخطوات بدءًا من اختيار الاسم التجاري وحتى إصدار التراخيص. وشددوا في الوقت ذاته، على أهمية العمل على تطوير بعض الجوانب الفنية واللوجستية لتعزيز سرعة الإنجاز وتحسين تجربة المستخدم، بما يدعم بيئة الأعمال في الدولة.
وشددوا على أهمية حماية حقوق المستهلك ومكافحة الغش التجاري، واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تقلل من تكلفة الأعمال التجارية والصناعية، بما يسهم في تقديم المنتجات والخدمات بأسعار تنافسية.
كما تطرقوا إلى بطاقة التموين، مبينين أهميتها في دعم احتياجات المواطنين الغذائية الأساسية، مشيرين إلى دورها في تعزيز الأمن الغذائي للأسر القطرية. ودعوا في هذا الإطار إلى النظر في إمكانية زيادة عدد الأصناف المشمولة ضمن البطاقة، أو تحسين آلية الدعم المقدّم، بما يتناسب مع احتياجات الأسرة القطرية وتغيرات الأسعار في الأسواق.
وفي رده على مداخلات الأعضاء، ثمّن سعادة الوزير الملاحظات التي طرحت خلال الجلسة، مؤكدًا أن الوزارة تعمل على تطوير أدواتها بالتنسيق مع مختلف الجهات، وأن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مبادرات جديدة تخدم تنمية الاقتصاد الوطني، وتساهم في رفع كفاءة السوق وتحقيق التوازن فيه، بما ينعكس على رفاه المواطن وجودة حياته.
وفي نهاية العرض أعرب سعادة رئيس مجلس الشورى، باسمه وباسم أعضاء المجلس، عن بالغ الشكر والتقدير لسعادة وزير التجارة والصناعة والوفد المرافق، مثمنًا جهودهم في تنفيذ استراتيجية الوزارة، ومؤكدًا حرص المجلس على دعم تلك الجهود لتحقيق الأهداف التنموية المنشودة ضمن رؤية قطر الوطنية 2030.
من جانب آخر، أطلع سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، المجلس على ترؤسه وفد المجلس المشارك في الاجتماع الأول لمجموعة البرلمانات الداعمة لفلسطين، الذي عُقد في مدينة إسطنبول يوم الجمعة الماضية، بمبادرة من مجلس الأمة التركي الكبير، بهدف توحيد المواقف البرلمانية دعماً للشعب الفلسطيني.
وأوضح سعادته أن الاجتماع شهد مشاركة واسعة، وناقش سبل التصدي للعدوان الإسرائيلي على غزة، وضرورة تفعيل الدور البرلماني لمحاسبة الاحتلال، مشيرًا إلى ما تضمنه الإعلان المشترك من تأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أشار سعادته إلى لقائه مع رئيس مجلس الأمة التركي الكبير، وما جرى خلاله من تأكيد على عمق العلاقات الثنائية وأهمية التنسيق البرلماني المشترك، مبينًا أن هذه المشاركات تعكس حضور مجلس الشورى الفاعل على الساحة الدولية، وتؤكد التزامه بمناصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
كما تقدم سعادة رئيس المجلس، والسادة الأعضاء بأحر التهاني لسعادة السيد أحمد بن إبراهيم المالكي، عضو المجلس، بمناسبة اعتماده عضوًا في اللجنة الدائمة لشؤون الأمم المتحدة في الاتحاد البرلماني الدولي، مؤكدين أن هذا الاختيار يعكس المكانة المتقدمة التي بات يحتلها المجلس على الساحة البرلمانية الدولية، ويجسد الثقة المتزايدة في دوره الريادي بمجال الدبلوماسية البرلمانية وتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب.